Powered By Blogger

الخميس، 12 فبراير 2015

وهم الحرب على داعش

وهم الحرب على داعش
صحيفة الأهرام المصرية - د. عباس شومان :
مما لاشک فیه أن ما یحدث الآن على أرض الواقع من محاولة یراها البعض جادة من قوى المجتمع الدولی للقضاء على ذلک البلاء الإنسانی المسمى «داعش» یحتاج إلى إعادة النظر، فما تم حتى الآن لا یوجد فیه أی تقدم ملحوظ إلا التخلی عن المواجهة الحقیقیة للإرهاب بل دعم نفسى لهذا الکیان الإرهابی لیزداد تجذراً فی الأرض ویسیء للإسلام والمسلمین. وخیراً فعلت دولة الإمارات العربیة الشقیقة حین علقت مشارکتها فی عملیات ما یسمى «التحالف الدولی ضد داعش»، ولو کان بقصد الحفاظ على طیاریها، فهذا الکیان الشیطانی الذی أطل علینا فجأة وبلا مقدمات فی وقت لم ننتبه إلیه إلا حین بدأ یمارس نشاطه الإجرامی على الأرض، فتحیرنا فی کیفیة التعامل معه وبدت العدید من الاسئلة التی تحتاج إلى إجابات من الذی دربه أو یموله أو یتولى أمر توجیهه وقیادته؟. وبینما یواصل هذا الکیان الإرهابی أبشع ما عرفته البشریة من الجرائم المخزیة، والأدهى والأمر أنهم اختاروا له اسماً إسلامیّاً موهماً بأنهم من المجاهدین الذین سیخلصون العالم من شرور الطغاة والبغاة والخارجین على شرع الله، وهذه خدعة أولى صدقها البعض لا سیما فی العراق واستبشروا بها خیراً، وخدعة أخرى أشد خبثاً وهی أن جرائم هذه الفئة المفسدة فی الأرض تتحاشى سنة العراق وتستهدف غیرهم من الطوائف، وهذه وإن بدت فی ظاهرها تعاطفاً مع السنة إلا أنها أشد لطمة توجه إلى أهل السنة فی عصرنا الحاضر وأظنها مقصودة من قبل من صنع هذا الکیان الشیطانی لإلصاق جرائم هؤلاء بالإسلام من خلال الاسم الذی أطلق على هؤلاء، وبالسنة تحدیداً وهم القسم الأکبر من أتباع الدین الإسلامی ولتأجیج الفتنة بینهم وبین إخوانهم من الشیعة وغیرهم.
وبینما نحن نحار فی تفسیر هذه الظاهرة إذا بموجة ثالثة من الخداع تطل علینا وهی المسماة الحرب على داعش، تلک الحرب التی رسخت أقدام داعش على أرض العراق، وملکتهم ما بقى من خیْراتها التی نهبها الأمریکان، وأرسلوا بالدواعش لنزح ما بقى من بترول مع إیقاع أکبر قدر ممکن من الإضرار بالبشر، کل ذلک وأکثر ونحن نخدع بجهود المخلص الأمریکی ومن جمعهم معه لیمولوا العملیات الوهمیة التی فی ظاهرها حرب على داعش وفی باطنها إمداد هؤلاء بالسلاح والعتاد ولو على سبیل الخطأ ثلاث مرات على الأقل هی جملة ما عرفه الناس!
أظن أنه من العار أن ننخدع مراراً وتکراراً، وأنه قد آن الأوان لنتولى أمر أنفسنا وأن نطالب هذا التحالف المزعوم بالانسحاب من سماء العرب، وأن نباشر التعامل مع هذا الکیان السرطانی المجرم بأنفسنا، فلا یمکن لعاقل أن یصدق بأن جماعات أجمعت التقاریر على أنها محصورة العدد معروفة المکان لا تقوى الطائرات الأمریکیة وحدها على القضاء علیهم فی ساعات معدودة، لقد زادت قوة داعش منذ بدأت هذه العملیات بفضل ما یسقط فوق رؤوسهم من مساعدات حتى أصبحوا قوة لا یستهان بها تمرح وتسرح فی أرض العرب، فکفانا انخداعاً فلقد خلق الله لنا عقولاً لنتدبر بها ولیس لیدیرها لنا من ناصبونا العداء منذ ظهور الإسلام إلى یوم القیامة. فکیف لعقولنا أن تنتظر منهم تخلیصنا من صنیعتهم لتدمیرنا؟! لو کان هؤلاء صادقین فی زعمهم فلماذا سقط الطیار الأردنی دون غیره من الأمریکان مثلاً، ولماذا تمنع أمریکا نشر طائراتها المسماة  SPRAYF22»» التی یمکنها تتبع الطائرات بعد سقوطها وانتشال الطیارین لقدرتها على الهبوط کالمروحیات فی موقع الحدث؟! ولماذا دکت الطائرات الأردنیة حصون هؤلاء المجرمین بعد ساعات من حرق الطیار الأردنی معاذ الکساسبة فیما أظن أنه وإن أسعدنا إلا أنه دلیل دامغ على عدم وجود رغبة جادة من قائد التحالف الأمریکی للقضاء على داعش الذی تمرد علیه الأردنیون، وخیراً فعلوا، ولکن کنا نود أن یکون هذا هو الأداء المتبع من کامل التحالف لیس للانتقام لشهید واحد، وإنما قناعة من الجمیع أن هذا السرطان لا بد أن یستأصل قبل أن یتمدد فی الجسم العربی بکامله، لن یقضى على داعش إلا من خلال قوات عربیة خالصة وإرادة صادقة وقناعة تامة بضرورة محوهم من واقعنا: (ما حک جلدک مثل ظفرک. فتول أنت جمیع أمرک)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق