Powered By Blogger

الاثنين، 16 فبراير 2015

مقال إسرائيلي : جریمة واسمها اللاصهیونیة

 جریمة واسمها اللاصهیونیة
جدعون لیفی - صحيفة هآرتس الإسرائيلية
الترجمة لصحيفة الوفاق الإيرانية
فی مکان ما بین الاعتداء جنسیا على الاطفال وبین القتل، المکان الاشد خطرا من السرقة وربما من الإغتصاب: تقع «اللا صهیونیة». إنها جریمة مرتبطة بالابادة ولا یشملها العفو او الغفران او تدخل فی نطاق العقوبة المخففة. کتاب الجرائم فی اسرائیل لم یعرف هذه الجریمة ـ لا أحد یعلم بالضبط من هو «اللا صهیونی» وما هی «اللا صهیونیة» – ولکن من یشتبه على انه کذلک، فحکمه واحد. على سبیل المثال: عضو فی لجنة حکام جائزة اسرائیل، والمشتبه بکونه قد ارتکب هذه الجریمة الخطیرة (تحت بند الجنایات)، مُنع من اصدار الاحکام.
هذه النغمة لیست جدیدة: هکذا تم التعامل مع من اتهموا بأنهم أعداء الشیوعیة فی الانظمة الشیوعیة، وهکذا تم التعامل مع من اشتبهوا بأنهم شیوعیون فی الولایات المتحدة فی احدى المراحل الاکثر ظلاما فی تاریخها. هنا یتم العقاب على التطلعات، بالطرد على خلفیة التعبیر عن الرأی، بحظر الفنون والأفکار التی لا تستطیع الدول احتمالها.
الذرائع على انعدام التسامح تتکرر باستمرار: تطلعات هذه الأقلیات تحفر تحت أساسات النظام ولذلک هی ممنوعة، فی الشیوعیة وکذلک فی الصهیونیة، الاسالیب متشابهة: الادانة، الرفض، العزل، التحقیر وفی مرحلة معینة (لم تصلها اسرائیل بعد) ارسال من یفکرون بشکل مختلف للعلاج او للسجن. لحریة التعبیر فی اسرائیل یوجد حد ـ انه الصهیونیة. من یجتاز هذا الحد یفقد شرعیة وجوده، باستثناء المتدینین المتشددین «الحرادیم». هؤلاء ینطبق علیهم شرط «الظروف المخففة» لارتکاب الجریمة.
فی اسرائیل المعاصرة حیث «الیساری» هی لعنة، والأشد سوءا من ضمن کافة اللعنات، «اللا صهیونی» الذی یعیش ویموت خارج الحد. لکن المشکلة لا تکمن فقط فی انعدام وجود من یعرف ما هی الصهیونیة فی ایامنا هذه، بل کون مقولة اللا صهیونی ردیفة لمقولة خیانة. المستوطن سارق الاراضی وحارق الحقول بالتأکید صهیونی، حتى انه من أفضل نوع. لا یبطل ذلک لو أنه ارتکب اشد المعاصی ویدعو إلى رفض الخدمة فی المناطق ـ فهو صهیونی. حنین زعبی خائنة، لانها لا تعترف بإسرائیل کدولة یهودیة، اما الیمینیین الذین لا یعترفون بإسرائیل باعتبارها دولة دیمقراطیة فهم صهاینة، وبالتالی شرعیون. الاسرائیلیون الرافضون لأن یکونوا جزءاً من هذه الصهیونیة، ولدیهم ما یکفی من الشجاعة کی یعرفوا انفسهم على أنهم «لا صهاینة» یجری اعتبارهم على أنهم کفار، مع کافة ما یترتب على ذلک. توجد قرون على رؤوسهم. ذلک لتجرؤهم على القول لا لهذه الصهیونیة، للتفکیر بانها عصبیة قومیة وکذلک عنصریة، بأنها سارقة، محتلة وتتجه نحو الابارتهاید- على الرغم من ادعائها بلا اخلاقیة الابارتهاید، ویدعون بمنع التعامل بها.
غسیل الادمغة وصل حداً بموجبه کل من یصاب بهذا المرض، لا یعتبر بأنه معارض لوجود الدولة فحسب، بل باعتباره داعیة لابادتها. الابادة موجودة فی دمائنا ودائما ما تبرز باعتبارها الخیار المهدد الأول الصادر عن کل من ینتقد الدولة، وکأن نصف العالم مشغول فقط فی إبادة إسرائیل. لذلک هو لا صهیونی کونه یتطلع إلى ارسال الیهود إلى أفران الغاز او إلى البحر، أو على الأقل لإعادتهم إلى أوطانهم الأصلیة.
لکن النظام الحاکم لیس هو الدولة ویمکن أن تکون مناهضا للصهیونیة دون أن تکون داعیة للمحارق. دولة إسرائیل هی حقیقة واقعة، لم یتبق سوى القلیل فی العالم ممن یشککون فی استمرار وجودها، وبالتأکید أقل بکثیر من المحاولات التی تعمل دعایتها التخوفیة على نشرها. النضال الان یدور على طابعها وفی الاساس على طبیعة نظامها.
الصهاینة یجرى اعتبارهم فی الخارج کدعاة احتلال، ناشبی حروب، داعمی الحکومة ومبرری أفعالها. لذلک من السهل هناک أن یکون المرء مناهضا للصهیونیة، وتقریبا یتوجب على کل صاحب ضمیر ان یکون کذلک، فی اسرائیل الصورة أقل وضوحا: الصهیونی هو المستوطن او أزعر الحواجز.
حتى أولئک الذین اصابهم الیأس من حل الدولتین، من یعتقدون أن اسرائیل الصهیونیة تبذل کل جهودها لإفشاله، ومن یفکرون بضرورة الترکز فی صیغة حل الدولة الواحدة ـ لا یمکن أن یحاکموا على مقیاس الصهیونیة. یجب ترک الصهیونیة لکتب التاریخ. هنا یوجد دولة، وهی ستبقى هنا، والان یجب أن یدور النضال حول عدالتها، ولیس على صهیونیتها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق