Powered By Blogger

الأربعاء، 17 يوليو 2013

حياة المطران الشهيد مار ادي شير


منذ أن قدم المسيح ذاته ذبيحة حية على الصليب من أجل خلاص البشر، لم تكف الجماعات التي آمنت به عن تقديم ذاتها ذبيحة عطرة لخلاص العالم . فلا عجب إذاً أن نرى كنيسة المشرق تفخر بأبنائها الذين عاشوا بحسب تعاليم الإنجيل ، و استشهدوا ليكونوا نوراً يهتدي به العالم إلى الخلاص، وأصبحت دمائهم بذوراً خصبة للمسيحية، أنبتت ثمار يانعة مفعمة بعبق الإيمان والرجاء.

وفي المذابح التي جرت في السلطة العثمانية سنة 1915، قدمت كنيسة المشرق أكثر من مئة ألف شهيد بينهم أساقفة و كهنة و شمامسة. راح ضحيتها الكثيرين نذكر منهم مار أدي شير مطران أبرشية سعرت الكلدانية ، أحد هؤلاء الشهداء العظام الذي سُفك دمه الزكي جزاء الأيمان بالمسيح.  

حياته: ولد صليوا في بلدة شقلاوة شمال العراق في شباط 1867م من أبوين فاضلين هما القس يعقوب شير و بربارة. ترعرع في جو مشبع بروح الإيمان ، و تعلم الكلدانية على والده الكاهن ، وما لبث أن أخذ يساعد والده في تلقين أولاد الرعية مبادئ التعليم المسيحي واللغة الطقسية توفيت والدته وهو في مقتبل العمر، فترك رحيلها في قلبه أثراً أليماً جدا ً. سنة 1880م لبى دعوة الأب يعقوب الدومنيكي " جاك ريتوري " لدخول معهد مار يوحنا الحبيب الكهنوتي في الموصل . واضطر لمضاعفة جهوده للإلتحاق برفاقه الذين كانوا قد سبقوه في تعلم اللغتين العربية والفرنسية ، إلا أن أتعابه تكللت بالنجاح فنال قصب السبق على أقرانه ، فأتقن الكلدانية وبرع في العربية و الفرنسية  واللاتينية و التركية ، و انكب على الفلسفة واللاهوت و التاريخ بنوع خاص . و بعد أن قضى تسع سنوات في معهد مار يوحنا الحبيب ، تمت رسامته الكهنوتية على يد مار إيليا عبو اليونان بطريرك الكلدان باسم القس أدي ، و ذلك في 15 آب 1889م في كاتدرائية مسكنتا بالموصل . و بعد الرسامة قصد بلدته شقلاوة و اهتم بتعليم الناشئة ، و لم تمضي ستة أشهر حتى استدعاه المطران جبرائيل آدمو رئيس أساقفة كركوك ، فجعله كاتم أسراره ولما انتقل المطران آدمو إلى جوار ربه سنة 1889م ، عينه البطريرك عبد يشوع خياط مدبراً بطريركياً لأبرشية كركوك ، و كان يقضي نهاره في تعليم الأولاد و خدمة الرعية ، و يحيي الليل بالقراءة و التأليف و درس اللغات ، فتعلم العبرية و اليونانية و الفارسية و الكردية و ألم بالألمانية و الإنكليزية . و أسس مدارس في جميع مراكز الأبرشية ، و أقام فيها أخويات دينية عديدة ، و ترجم صلوات طقسية إلى اللغة التركية وعندما انتخب المطران يوسف خياط مطراناً لأبرشية كركوك اتخذه أميناً لسره ، وأثر انتخاب مار عمانوئيل توما  مطران سعرت بطريركاً سنة 1900م، ظل كرسي أبرشية سعرت شاغراً مدة سنتين . و في سنة 1902م انتخب أدي شير مطراناً له ، و تمت سيامته في 13 تشرين الثاني، وبعد أيام قلائل غادر الموصل إلى مركزه الجديد , كانت أبرشية سعرت مترامية الأطراف تشمل العشرات من القرى المنتشرة في جبال البوتان  و قضاء غرزان . وكانت أغلب هذه القرى منكوبة و فقيرة بسبب ظلم الآغوات ، الذين كانوا يعبثون بممتلكات المسيحيين بسبب غياب سلطة الحكومة . فراح يفكر و يعمل لسد عوز أهاليها ، فسافر إلى أوربا في أيلول سنة 1908م عن طريق ديار بكر فأورفا  فحلب فبيروت ، ثم أبحر إلى اسطنبول وقابل السلطان عبد الحميد ، و منها انتقل إلى روما ومثل أمام الأب الأقدس بيوس العاشر . و بعد أن زار الأماكن المقدسة في روما غادر إلى باريس حيث اتصل بعدد كبير من المستشرقين ، و نشر بعض مؤلفاته ، كما جمع مبلغاً من المال أنفقه لدى عودته على تعمير أبرشيته ، و كانت تربطه صداقة متينة مع آل بدر خان أمراء البوتان ، و لا سيما مع عميدهم كامل بك ، فأفاد جماعته كثيراً من خلال تلك الصداقة . و في صيف سنة 1914م اندلعت نار الحرب العالمية الأولى، واندحر الجيش العثماني في منطقة وان أمام الجيش الروسي ، فراح الجيش العثماني ينتقم ممن يعترض سبيله من المسيحيين . فاستدعى حلمي بك والي سعرت المطران أدي شير و أشعره بالخطر ، فدفع له المطران أدي شير 400 ليرة ذهبية لقاء وعده بالحماية له ولأبناء رعيته وعند تفاقم الأوضاع لجأ إلى الهرب لكي يدبر وسيلة نجاة لرعاياه، فقصد متنكراً قرية في جبال البوتان حتى افتضح أمره، فألقي القبض عليه بعد أن قتل خادمه ورجل آخر كان معه، واقتادوه إلى تل بين قريتي دير شوا  وعيني  وهناك قتلوه، وكان ذلك في 17 حزيران 1915 فتكلل بالشهادة المسيحية الحقة بعد أن غادر هذا العالم الى جوار ربه.
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق