عارٌ أبدی.. لـ «داعش»
صحيفة الإتحاد الإماراتية - د. عبدالله المدنی
وصمات العار التی ستلاحق الداعشیین ومن فی حکمهم من المتطرفین
«الإسلامیین» کثیرة منذ الیوم الأول لظهورهم البائس على خارطة الأحداث فی
سوریا والعراق، وکان آخرها الطریقة البشعة التی قتلوا بها الطیار الأردنی
معاذ الکساسبة رحمه الله. على أن اسم الیابانی «کینجی غوتو» سیبقى محفورا
فی الأذهان لزمن طویل، کدلیل على التوحش الذی طبع أعمال هذه الفئة المارقة.
وبطبیعة الحال فإن الیابان، ولئن کانت الیوم متألمة على فقد أحد أبنائها، فإنها ستتعافى من الصدمة وستواصل مسیرتها فی خدمة البشریة مثلما کان حالها طوال العقود الماضیة، اختراعاً وإنجازاً، وعملاً إغاثیاً وتنمویاً حول العالم، ومشارکة فی حفظ الأمن والسلم الدولیین، وتوفیراً لکل ما یخدم البشریة من تقنیات. وهی فی هذا تعتمد على إرث حضاری ناصع وثقافة متمیزة وجملة من القیم النبیلة.
لکن ماذا عن الطرف الآخر الذی لا یملک أی رصید، ولم یساهم مثقال ذرة فی الحضارة الإنسانیة، بل استغل ما أنجزته هذه الحضارة من وسائل لأعمال التدمیر وسفک الدماء، وسبی النساء، والاعتداء على الطفولة البریئة.. وغیرها من أعمال یندى لها الجبین؟ لا شک أن النقمة ستزداد علیه فی کل مکان، واللعنة ستطارده فی کل آن.
لقد رحل کینجی غوتو ملتحقاً بقائمة طویلة ممن نحرتهم «داعش» بدم بارد، من صحفیین وعمال إغاثة وممرضین أجانب، من أمثال الأمیرکیین جیمس فولی وستیفن سوتلوف وبیتر کاسینغ، والبریطانیین دیفید هینز وآلن هینینغ. وکان آخر هؤلاء الرهینة الیابانی «هارونا یوکاوا» الذی أعدم الشهر الماضی بعدما رفضت طوکیو دفع فدیة مالیة مقابل إطلاق سراحه.
لکن العمل الدنیء الذی ارتکب بحق «یوکاوا» ومواطنه «غوتو» لن یثنی الیابانیین عن مواصلة دعمهم للجهود الدولیة الهادفة إلى قطع دابر الإرهاب والتوحش من الشرق الأوسط، بل سیزیدهم إصراراً على حد قول رئیس الوزراء «شینزو أبی»، خصوصاً أن «غوتو» لم یفعل ما یستوجب قطع رأسه بوحشیة. فالرجل عرف بإنسانیته وعمله الدؤوب مع منظمة «الیونیسیف» ووکالة «الأونروا» وغیرهما من المنظمات الدولیة، کما عرف بجهوده الصحفیة فی إبراز تداعیات الحروب والقلاقل والصراعات على الأطفال واللاجئین والمرضى والمشردین عبر تغطیات صحفیة متقنة لمناطق النزاعات فی سیرالیون ورواندا ودول البلقان والشرق الأوسط، الأمر الذی یحسب له ولیس علیه. لکن من أین لوحوش القرن الحادی والعشرین أن یتفهموا کل هذا الجهد الخیر، وهم الذین لم یسلم من همجیتهم حتى إخوتهم المسلمین، وآخرهم الطیار الشهید معاذ الکساسبة.
وکما حدث سابقاً من خروج ذوی الضحایا على وسائل الإعلام لاستعطاف المجرمین علهم یفرجوا عن أحبتهم، فقد خرجت أیضاً والدة «غوتو» على وسائل الإعلام دامعة العین کسیرة النفس. غیر أن الاختلاف هذه المرة کان فی سبب الظهور أمام وسائل الإعلام! فهی لم تفعل ذلک من أجل استجداء الخاطفین عبر تعداد مناقب ابنها وصولاته وجولاته الإنسانیة والإعلامیة فی الوقوف إلى جانب المشردین واللاجئین حول العالم، لأنها لو فعلت هذا لوصمت من قبل مواطنیها بالأنانیة والفردیة وتمجید ابنها، بحسب رأی «جیف کینغستون» مدیر الدراسات الآسیویة فی فرع جامعة تیمبل الأمیرکیة بطوکیو.. وإنما ظهرت فی الإعلام المحلی من أجل أن تعتذر لشعبها وحکومتها ومجتمعها عما تسببت فیه قضیة ابنها لهم من متاعب وقلق. والاعتذار، کما هو معروف، جزء أصیل من الثقافة الیابانیة، یمارسه الکبار والصغار فی حیاتهم الیومیة.
ولعله من المفید أن نشیر فی سیاق الحدیث عن الرهینتین الیابانیین إلى أن تعاطف الیابانیین مع الرهینة «غوتو» کان أکبر من تعاطفهم مع زمیله «یوکاوا»، والسبب أن الأول إعلامی لامع ذو خبرة وصاحب سجل فی الالتزام والانضباط، بعکس الثانی الذی لم یعرف عنه سوى البحث عن المغامرات التی قادته فی نهایة المطاف إلى سوریا.
وإذا کان الیابانیون قد رحبوا سابقاً بسفر «غوتو» إلى مناطق الحروب بسبب لهفتهم على معرفة الحقائق الإخباریة من أحد مواطنیهم مباشرة، فإنهم باتوا یتساءلون الیوم عن الأسباب التی تدفع بعض مواطنیهم للسفر إلى مناطق محفوفة بالمخاطر وقد تؤدی بهم إلى القتل أو الأسر، وبالتالی وضع الأمة کلها فی محنة.
الحقیقة أن هذا المنحنى بدأ یتزاید منذ 2004 حینما تم الإفراج عن ثلاثة یابانیین من قبل إحدى العصابات العراقیة. وقتها اعتقد هؤلاء أنهم سوف یستقبلون بالحفاوة بمجرد عودتهم إلى وطنهم، لکن الإعلام المحلی فاجأهم بحملة شعواء لتسببهم فی مشاکل للحکومة والناس، ودعت الحکومة إلى إلزامهم بدفع نفقات نقلهم من بغداد إلى طوکیو جواً بدلاً من أن یسددها دافع الضرائب الیابانی.
وبطبیعة الحال فإن الیابان، ولئن کانت الیوم متألمة على فقد أحد أبنائها، فإنها ستتعافى من الصدمة وستواصل مسیرتها فی خدمة البشریة مثلما کان حالها طوال العقود الماضیة، اختراعاً وإنجازاً، وعملاً إغاثیاً وتنمویاً حول العالم، ومشارکة فی حفظ الأمن والسلم الدولیین، وتوفیراً لکل ما یخدم البشریة من تقنیات. وهی فی هذا تعتمد على إرث حضاری ناصع وثقافة متمیزة وجملة من القیم النبیلة.
لکن ماذا عن الطرف الآخر الذی لا یملک أی رصید، ولم یساهم مثقال ذرة فی الحضارة الإنسانیة، بل استغل ما أنجزته هذه الحضارة من وسائل لأعمال التدمیر وسفک الدماء، وسبی النساء، والاعتداء على الطفولة البریئة.. وغیرها من أعمال یندى لها الجبین؟ لا شک أن النقمة ستزداد علیه فی کل مکان، واللعنة ستطارده فی کل آن.
لقد رحل کینجی غوتو ملتحقاً بقائمة طویلة ممن نحرتهم «داعش» بدم بارد، من صحفیین وعمال إغاثة وممرضین أجانب، من أمثال الأمیرکیین جیمس فولی وستیفن سوتلوف وبیتر کاسینغ، والبریطانیین دیفید هینز وآلن هینینغ. وکان آخر هؤلاء الرهینة الیابانی «هارونا یوکاوا» الذی أعدم الشهر الماضی بعدما رفضت طوکیو دفع فدیة مالیة مقابل إطلاق سراحه.
لکن العمل الدنیء الذی ارتکب بحق «یوکاوا» ومواطنه «غوتو» لن یثنی الیابانیین عن مواصلة دعمهم للجهود الدولیة الهادفة إلى قطع دابر الإرهاب والتوحش من الشرق الأوسط، بل سیزیدهم إصراراً على حد قول رئیس الوزراء «شینزو أبی»، خصوصاً أن «غوتو» لم یفعل ما یستوجب قطع رأسه بوحشیة. فالرجل عرف بإنسانیته وعمله الدؤوب مع منظمة «الیونیسیف» ووکالة «الأونروا» وغیرهما من المنظمات الدولیة، کما عرف بجهوده الصحفیة فی إبراز تداعیات الحروب والقلاقل والصراعات على الأطفال واللاجئین والمرضى والمشردین عبر تغطیات صحفیة متقنة لمناطق النزاعات فی سیرالیون ورواندا ودول البلقان والشرق الأوسط، الأمر الذی یحسب له ولیس علیه. لکن من أین لوحوش القرن الحادی والعشرین أن یتفهموا کل هذا الجهد الخیر، وهم الذین لم یسلم من همجیتهم حتى إخوتهم المسلمین، وآخرهم الطیار الشهید معاذ الکساسبة.
وکما حدث سابقاً من خروج ذوی الضحایا على وسائل الإعلام لاستعطاف المجرمین علهم یفرجوا عن أحبتهم، فقد خرجت أیضاً والدة «غوتو» على وسائل الإعلام دامعة العین کسیرة النفس. غیر أن الاختلاف هذه المرة کان فی سبب الظهور أمام وسائل الإعلام! فهی لم تفعل ذلک من أجل استجداء الخاطفین عبر تعداد مناقب ابنها وصولاته وجولاته الإنسانیة والإعلامیة فی الوقوف إلى جانب المشردین واللاجئین حول العالم، لأنها لو فعلت هذا لوصمت من قبل مواطنیها بالأنانیة والفردیة وتمجید ابنها، بحسب رأی «جیف کینغستون» مدیر الدراسات الآسیویة فی فرع جامعة تیمبل الأمیرکیة بطوکیو.. وإنما ظهرت فی الإعلام المحلی من أجل أن تعتذر لشعبها وحکومتها ومجتمعها عما تسببت فیه قضیة ابنها لهم من متاعب وقلق. والاعتذار، کما هو معروف، جزء أصیل من الثقافة الیابانیة، یمارسه الکبار والصغار فی حیاتهم الیومیة.
ولعله من المفید أن نشیر فی سیاق الحدیث عن الرهینتین الیابانیین إلى أن تعاطف الیابانیین مع الرهینة «غوتو» کان أکبر من تعاطفهم مع زمیله «یوکاوا»، والسبب أن الأول إعلامی لامع ذو خبرة وصاحب سجل فی الالتزام والانضباط، بعکس الثانی الذی لم یعرف عنه سوى البحث عن المغامرات التی قادته فی نهایة المطاف إلى سوریا.
وإذا کان الیابانیون قد رحبوا سابقاً بسفر «غوتو» إلى مناطق الحروب بسبب لهفتهم على معرفة الحقائق الإخباریة من أحد مواطنیهم مباشرة، فإنهم باتوا یتساءلون الیوم عن الأسباب التی تدفع بعض مواطنیهم للسفر إلى مناطق محفوفة بالمخاطر وقد تؤدی بهم إلى القتل أو الأسر، وبالتالی وضع الأمة کلها فی محنة.
الحقیقة أن هذا المنحنى بدأ یتزاید منذ 2004 حینما تم الإفراج عن ثلاثة یابانیین من قبل إحدى العصابات العراقیة. وقتها اعتقد هؤلاء أنهم سوف یستقبلون بالحفاوة بمجرد عودتهم إلى وطنهم، لکن الإعلام المحلی فاجأهم بحملة شعواء لتسببهم فی مشاکل للحکومة والناس، ودعت الحکومة إلى إلزامهم بدفع نفقات نقلهم من بغداد إلى طوکیو جواً بدلاً من أن یسددها دافع الضرائب الیابانی.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق