بقلم: أبو يوسف
في مجتمع يكون الجهل السائد بين أبنائه أثقل من
الصخر و العلم بينهم أندر من زهر البيلسان، و تضطهد فيه الفتاة بالمقدار الذي يليق
بهكذا طراز من أبناء آدم و بناته.
و قد يتصور البعض أن
هذا الوصف يتطابق كلياً مع سكان الأحياء الفقيرة حيث تسود التقاليد و الموروثات
الاجتماعية و تُطبق حرفياً بإشراف مستمر من الهيئات المهيمنة دينياً و أُصوليات
عشائرية.
إلا أن الذي أُترجم
له كان إبن ذوات بمعنى الكلمة -ولد في بحبوحة- ، و لما كان الاخ الوحيد لاخوات عدة
، أخذه والده الى صدره و أسنده الى جوارحه حتى غدا الكيانان كياناً واحداً للولد
ما للوالد من حقوق و سلطات في البيت و على الام و الاخوات .
كان فتى مدللاً الى أقصى
حدود الدلال و الدلال مَفسدة كما هو معروف ، فضاقت العائلة بأجمعها من حركاته و إعتداءاته
على أخواته و على حاجيات البيت يكسر ذلك الوعاء البلوري و يثلم جدار الثلاجة أو
الطباخ الغازي و في أكثر الاحيان يمسك إنبوبةالماء المطاطية " الصوندة "
و يرش المارة قرب باب بيتهم أو يرش أخواته و أُمه، و كانت سعاد اخته الكبرى تذهب
الى مركز الشرطة القريب بملابس البيت الشفافة
و تجلب معها شرطياً لإخافة الفتى
الآبق . نقطة الضعف الكبرى في حياته كانت عدم سيطرته على نفسه اثناء النوم . فكان
يسبح بالبول سفلاً و علواً اثناء الليل ، و ما أن يصبح الصباح حتى ينكشف وضعه و
يصبح مثاراً للتندر من قبل أخواته فيلجأ الى ضربهن ، انتقاماً من اشارتهن الى
فراشه المبلول ، و كان الفراش السبب في اطلاع اهل المحلة على ما يحدثه الفتى في
الليل ، فلقد كانت الام تعرض الفراش الى أشعة الشمس في السطح و لما كانت الحالة
تتكرر كل يوم، عرفت المحلة بأن شخصاً ما يبول في فراشه في البيت الكبير، و إن
الفتى هو الذي يفعلها كل ليلة .
تسارع العارفون
بتقديم النصح و الوصفات للوالد من أجل معالجة ابنه لكنها كلها ذهبت أدراج الرياح،
البديل السلس للبول جاء عندما إختلط بفتيان الحي فتعلم منهم العادة السرية فأخذ
يمارسها بإدمان مفرط، كان يختلي لوحده في قبو البيت و يطلق لخياله العنان فيصنع
لنفسه ما شاء من اللذات الزائفة، و عند قدوم الليل كان يمارس عادته مرات اخرى في الفراش حتى ينهكه التعب فينام.
في الايام الاولى
كان يختلط قذره ببوله مما سبب له متاعب اخرى مع امه و اخواته اللواتي يغسلن ملابسه
فيشاهدون عليها الشيء الشنيع .
فكان ينتقم لنفسه
بضربهن جميعاً بأي حاجة تقع تحت يده ، لكن إرادته أخذت تضعف تدريجياً حتى وقع تحت سطوة اخته الكبرى فأخذت
بتوجيهه فمال بعض الشيء الى الدرس و مع التدريس الخصوصي كسب بعض الدرجات حتى وصل
الى نيل شهادة الاعدادية فتوقف عندها و لم يتزحزح الى الامام حتى و لو الى معهد او
كلية.
لم يجد الولد أبداً
من ضمه الى عمله في المتجر فأبدى ذكاءً منقطع النظير و حرصاً شديداً على الاموال ،
و محاسبة دقيقة للزبائن حتى غدا تاجراً ناجحاً لكنه بقي على التبعية لوالده ، كما
انه سوف يكون تابعاً لاخته الكبرى يدير اموالها و تجارتها فيما بعد، و لما كان
الفتى هو الذكر الوحيد في العائلة قرر الأهل تزويجه مبكراً لئلا ينقرض النسل و
يضيع الاسم، فأختاروا له الفتاة من بين اللواتي يتقبلن بالسهل القريب خيراً من العصب
البعيد، و إن العيش في بيت الملك خيرٌ من العيش على أبواب الايجار.
جاءوا بالعروس و
الغصة مكبوتة في حلقها، لكنها كانت من النوع الذي يضع الحلو على السطح و المر في
الاسفل، و مع الخيبة التي جعلتها تبقى على بكورتها لمدة تزيد عن الشهر ، إستسلمت أخيراً
لقبول الشريك الذي لابد منه فكان زواجاً رزقهما الله منه بولد و بنت كانت خاتمة
المطاف، و أن يعيشا لما تبقى من الايام صديقين حميمين .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق